بسم الله الرحمن الرحيم
يا ( قيس ) [ما كل اهتمامٍ من (ليلى )[/يعني عشقاً و غراماً ؟؟ــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جاءني مستبشراً ذات يوم يخبرني بأنها قطْعاً تذوب في هواه عشقاً، كيف لا و هي التي تحيطه عنايةً صباحَ مساءَ.
أخبرني أنه أضحى موقناً بحبها له يقيناً لا يخامره شك.
كل ذلك ترسخ لديه بعد أن زارته في شقته التي تجاور شقتها في الدور الرابع إثر نزلة برد أصابته؛ يومها قامتْ بإعداد الطعام له، و كي ملابسه، و ترتيب شقته، ثم قالت له لحظةَ مغادرتها بصوتٍ رقيقٍ يملؤه الحنان: بأنها على السمع قريبة منه إذا ما احتاج شيئاً منها.
ثم سألني بعد الذي قال متنهداً تنهيدة عجيبة لم أعهدها منه قبلاً: ألا ترى يا صديقي العزيز بأنها فعلاً مغرمة بي، ألا ترى ذلك جيداً ؟؟.
فقلتُ له مستغرباً: و ما أدراني بها؟!!!، فمن أخبرَك بأني أعلم الغيب ؟!!
فقال: يا رجل ألم تسمعْ ما قلته لك قبل لحظاتٍ عن اهتمامها الكبير بي؟؟
فقلت له: و هل هذا يا صديقي في نظرك دليلٌ كافٍ على حبها لك؟
فقال: نعم ..و اللهِ نعم و ألف نعم.
فقلت له: ربما تفعلُ جارتك ذلك لسبب آخر غير ما تعتقده أنت؟
فقال و قد تغيرتْ نبرةُ صوته مستهزئاً: وما أدراك أنت يا لوح الجليد يا بليد الإحساس بالعشق و الغرام ؟.
فأنا الذي تجاورني ، و لستَ أنت.
و أنا الذي تسلم عليَّ و لستَ أنت.
و أنا الذي تضحكُ لي و لستَ أنت.
و أسهب يرغي و يزبد، و يرسم على الماء أحلاماً و يصنع منها ليلاه في كل فعل نبيل يصدر عنها نحوه.
فقلتُ مقاطعاً له: إذاً لِمَ تخبرني بذلك ؟
قال مبتسماً: ألست أنت صديقي؟
فقلت له: نعم.
قال: لذا أنا أخبرك؟
ثم انصرف.
و في اليوم التالي كعادتي؛ خرجتُ من بيتي ذاهباً إلى عملي، فإذا بي و أنا في طريقي أرى صديقي العاشق الولهان و قد علاه الانكسار من رأسه حتى أخمص قدميه.
إذ كان يجرُّ قدميه جراً، و تعلو رأسه سحابة من الإحباط و اليأس و كأنَّ لسان حاله يقول: يا ليتني كنت نسياً منسياً.
فأسررتُها في نفسي: ( مسكينٌ أنتَ يا قيس ).
دنوتُ منه فوضعتُ كفي على ظهره مواسياً إياه قائلاً: ألم أقلْ لك يا ( قيس )، ما كل اهتمامٍ من ( ليلى ) يعني عشقاً و غراماً ؟؟!!
كان يجب أن تفهم جيداً بأن نبل التصرف، و حسن التعامل مع الجار، و الأقارب، و الأصحاب، و
الزملاء في العمل و إن اختلفت أجناسهم، لا يعني سوى شيءٍ واحدٍ ألا و هو ( حسن الخلق ).