سارا وبعد ارتفاع منسوب الإعجاب بهذا النبيل .. والذي يقول بأنه لا يمكنني أن ألاطِفَ سوى زوجتي ..
فقررت كسر حواجز التردد .. وقالت له :
هل تتزوجني ؟
فـ حامت طيور الدهشة فوق رأسِه !
تلعثَمَ قليلاً .. ولم يستطِع أن يُخفي بداخلهِ ما أربَكَه ..
وهذا الشيء لم يَكُن مُتوقعاً عندَه ..
وخصوصاً أنها لَم تُبدِ شيئاً في السابق يدُل على إمكانية حدُوث هذا ! ..
فقط كانت تتحدث عن :
أنتَ شخصٌ غريبُ الأطوار ..
أنتَ رجلٌ وصفوه بالمغرور ..
أنتَ من تظُن نفسك ..
ولم يكن أسلوبها يخلو من الحِدة .. والإستنكار !
فأجابها أحمد مُحَاوِلاً الإفلات من بين فَكّي هذا الطلب المُقدم كسؤال .. وعلامة الإستفهام هُناك لها مابَعدَها ..
وقال :
أنت غيرُ مُسلمة .. وأنا لا يَحِق لي أن أرتبط بك .. لهذا الأمر ..
وظن أحمد أنه قد نجَى ..
وأن هذه اللتي تنتقده وإسلامَهُ ومُجتمعَه .. ستتوقف عن التفكير بهذه الطريقة .. فيما لو كانت تطلب الزواج بجدية أصلاً .. !
فقالت : لامانع لديّ من أن أصبح مُسلمة ..
هُنا تضيقُ الأرض بأحمد ..
ويتربدُ وجهُهُ .. ولهُ العذرُ في ذلك ..
وهنا تخيلْهُ أيها المتصفح ..
ولأن الأمر لا يسمح بالصمت .. ولا يمكنه الهروب في هذه اللحظة ..
فقال :
عندَما تُصبحين مُسلمة .. سنبحثُ في الأمر ..
سارا تذهَبُ إلى المنزل وتفكر :
الحُصُول على شيء من أجل الحُصُول على شيءٍ آخر من خلالِه !
الإسلام من أجل أحمد ..
أو أحمد من أجل الإسلام ..
(( وكأن اللهَ قد فَـعّـلَ عُنصُرَ الإنسان ودوره في إخراج رسالة الإسلام .. وأن الإسلامَ هو الخُلُقُ النبيل والقِيَم الخالِدَة ))
جَدّت سارا في فَهمِ الإسلام أكثر ..
جَدّت في الحُصُول عليه ..
واستَغرقت في ذلك وقتاً ..
وكانَت كُل يوم تُخبِرُ أحمد أنها تتحسن ..
وأنها بدأت تُصلي بدُون الفاتحة ..
وأنها قرأت عن مُحَمد صلى اللهُ عليه وسلم ..
وكان أحمد يُحَفزُها .. رغم حيرَتِه ..
ويغرقُ أحمد في التفكير ..
هذه المرة تبدو الأمور مُختلفة ..
الزواج من فتاة أمريكية أمر خارج عن حساباتي ..
أنا مُتزوج ..
وأنا كـ ضابط قد يُرفَض مسألة زواجي من أجنبية ..
وقبل هذا كله .. أنا لا أرغَبُ أصلاً في ذلك ..
ومابال الزوجة .. والمستقبل ..
وكيف سيكون الحال مع هذه الأمريكية ؟
وماذا سيحدث إن رفضتُ الزواج منها ؟
قد تُصدم .. فتكره الإسلام ..
وأنا كنتُ قد أعطيتُها نصفَ وعد بذلك ...
( المشهد الرابع )
عَرَض مشكلاتهِ تلك على زميله ..
هوَ أصلاً كان يُضايقهُ ذلك الزميل لكثرَة تردد تلك الفتاة عليه ..
وكان يُمارس مهنةَ "التطفيش" ضد أحمد .. فيبادلُهُ هذا بـ "التطنيش" ..
ولكن هذه المرة هي جادة يازميلي .. بل وأصبحت تصلي وتذهب إلى المركز الدعوي ..
الزميل / هناك تخضع لإختبار صغير .. قد يعطونها أوراقاً تُثبِت إسلامَها ..
أحمد / المُشكلة ليست في إسلامِها .. الفتاةُ نطقت بالشهادتين .. وبدأت تُصلي ..
الزميل / هل توافق بغض النظر عن وضعك الوظيفي والإجتماعي على الزواج منها ..
أحمد / لا أدري .. !
الزميل / الأمر لايقبل التأخير أكثر .. تبقى القليل من الأيام.. وستنتهي فترة وجودنا هُنا ..
أحمد / ولكن .. لو قبلتُ الزواج منها .. كيف أستطيع ذلك .. النظام لايسمح لي بذلك وأنت تعرف ذلك ..
الزميل / لاتقلق بهذا الشأن .. هناك من يضع الأنظمة والقوانين .. ويقفزُ هوَ فوقها ويتجاوزُها ..
أحمد / وماذا تقصد .. ؟
الزميل / سأخبر الضابط ( فلان ) في الأمر .. إن كُنتَ موافقاً .. وسأعرفُ رأيه ..
أحمد / لا أدري .. عقلي مُتوقف عنِ التفكير .. ياصديقي ..
ودون أن يعلم أحمد .. يذهب زميله إلى الضابط ( فلان ) ويُخبره بالقصة ..
يبتسمُ الضابط ويُرحب هوَ بدوره بهذا الأمر .. ويقول سأخبر الأمير ( فلان ) بالأمر ..
يتصل فلان الضابط بـ فلان الأمير ويطلُبُ مساعدته ..
فيقول هذا على الرحب والسعة .. سيتزوجها .. وسنحتفل بهما وسنكرّمُهُما أفضل تكريم .. وسأسعى في هذا الأمر بنفسي ..
....
دارت الأحداث _وسأختصرها_ وتزوج أحمد من سارا .. وقضوا أولى أيام زواجهم في الأرض المُنحلة .. وأحمد لا يدري كيف حدث هذا !
احتفل بهم الأصدقاء والزملاء ..
والأمريكيون !! .. الرجل المغرور .. يبدو لطيفاً هذه المرة .. !
....
بدأ التفكير الآن في العودة إلى السعودية ..
ويحك ماذا فعلت ؟
لماذا لم تُخبر زوجتك ؟
كيف ستُواجِهُهَا الآن ؟
بل بأي طريقة ستدخل إلى المنزل ؟
وهذه اللتي دخلت في الإسلام بسببي .. قد تخرُجُ منه بسببي أيضاً .. !
ياللحيرة ..
في أثناء عبور قطار الأفكار المزحوم برأس أحمد .. وقفت بين يديه فكرة مجنونة ..
لزوجتي أخ رائع .. له أسلوب فعال في تمهيد الأمور لخبرٍ كهذا .. لقد جاء دورك يا عبدالله ..
لم يتردد في ذلك ..
اتصل به وأخبره بالأمر .. ووعدهُ بمُكافأة تليقُ بحجم "الورطة" الحالية ..
فضحك هذا وقال : الأمر أبسط مما تتخيل .. ونحن لها ..
( المشهد الخامس والأخير )
ذهب عبدالله إلى أخته .. ودخل عليها بوجه تبدو عليه آثار الحُزن .. وبصمتٍ وقور جلس أمامها ..
وقال / أنتِ يا أختي مؤمنة .. ولله الحمد ..
فكأن حريقاً قد اشتعل برأس زوجة أحمد / ايوا مؤمنة .. بس اش اللي حصل ؟
عبدالله / اللي حصل قضاء وقدر .. والحمدلله برضو ..
زوجة أحمد / أكيد قضاء .. بس لاتجنني قول ..
عبدالله / أكيد راح أقول .. بس أوعديني يكون سر .. ما أبغى أحد يعرف .. خصوصاً أهل زوجك ..
زوجة أحمد / ليش .. ؟ .. أحمد إش صار فيه ؟ ..
عبدالله / قلتلك .. أوامر الله مانقدر نسوي شي .. والأعمار بيده سبحانه ..
زوجة أحمد / حرام عليك ياشيخ .. دوبي كلمته ..
عبدالله / الأقدار تحدث في ثواني يا أختي .. الله يعينك ..
زوجة أحمد تكاد أن تنهار هنا .. ويتورط هذا بكذبته ولا يدري ماذا يفعل ..
يأخذُها ويهدئ من روعها .. ويحاول أن يُصبرها .. ويواسيها !
وبعد الكثير من الوقت .. وجاء المساء .. تهدأ قليلاً .. وتطرِقُ برأسها في الأرض .. وتدعو له بالرحمة ..
هنا يبادرُ هذا ويقول / اش تتمني يا أختي ذحين .. بصراحة ؟!
زوجة أحمد / أتمنى يرجع .. على الأقل أودعه ..
عبدالله / أكيد ذحين في الجنة ومايبغى يشوف وجهك ..
طيب إسمعي .. كيف الغيرة ذحين معاك .. تتخيلي عنده حورية أجمل منك ..
زوجة أحمد / الله يرحمه .. مايهم حورية المهم ربنا يغفر له ويسامحه ..
عبدالله / مايهم ؟
زوجة أحمد / أكيد عادي ..
عبدالله / طيب لو تزوج عليكي في الدنيا .. راح تقولي برضو عادي ؟ ..
زوجة أحمد / أكيد عادي .. المهم يكون بخير .. حرام عليك ..
هنا يتصل مباشرة بأحمد أمامها ويخبره ويبشره بأن الأمور تسير على مايرام ..
فتشعر هيَ بأن الدنيا لا تتسع لها من الفرح بهذا الخبر .. والغضب في نفس الوقت ..
سيعود أحمد ..
وعاد أحمد ..
وكتب الله لأبناءه من الفتاة الأمريكية أن يكونوا من حفظة القرآن الكريم ..
سبحان الله العظيم