سقطت هناك ، وكان أول مهد لي أوراق مهترئة تحت ظل شجرة ..
اعطتني أمي من بعدها أول وآخر درس في الاهتمام بالنظافة الشخصية
و ذلك عبر تمدد عضلة ناتئة مبللة ، لم أكد أبصرها حتى غابت ...
في زحمة افواه تموء بوهن ، امتدت أيدي طرية نحوي ملطخة برائحة
صرت أميزها بعبثها الدبق ..
كان موطني زقاقا ، ومحيطي لا يمتد لأكثر من شارعين ، كنت موسومة
بالتشرد لانتشار دوائر على جسدي ختمتها انياب حادة لكلاب ضالة في شارعنا ...
رغم جزعي وقلة حيلتي إلا أنني عرفت بأني متشردة لا شاردة...
فشتان بين التشرد والشرود!!
كانت تستوقفني بوابة بيت أو مهما كان مسماه إلا أن له أطراف حمراء
وجدران زجاجية لا تنفذ لداخله بقعة ضوء شاردة ، كانت تلتصق
بزجاجه المثلج ستائر سوداء ..
وكان هنالك رجل يقذف بخصفه جسدي و يزبد فمه و يغلق عيناه
بحنق !!
وأعاود الاقتراب منه في الغد القريب ليس حبا في الركل لكنها
الامواج الهادرة من بطني ورائحة
المكان النفاذة التي تشدني ..
حفظت أثار الأحذية والخصاف التي كونت لوحة فسيفساء على جسدي .
وكان كل نهار يشبه أخاه الأكبر ...
حتى اكتظت تلك الزاوية القصية من الشارع بالأقدام التي تمتد منها
السيقان الرفيعة والبضة وقطعت اذرع حمراء كانت تمسك ببعضها البعض
يرتفع من خلفها برج قاب قوسين أو أدنى من السماء
تملصت من بين أقدامهم المزجوجة بقوارب جلدية سوداء والتصقت بفروعها حتى اخترقت جميعها ودلفت خلال فك يفتح و يطبق اثر
ملامسة اقراصه المرقمة الصغيرة
التي كانت ترقد بتأهب بجانبه
شعرت وأنا بداخل جوفه أن دمائي
تفر بين مفارق اصابع مخلبي و عيناي تطبقان على بعضهما قسرا
وشككت بأن أرواحي السبعة قد
غادرتني واحدة تلو الأخرى بلا عودة
حتى توقفت فجأة و فتح الفك المطبق على أرواحي على مكان
لم تصنفه ذاكرتي من ملفاتي القديمة المقروءة ...
وكأنني اقتربت من السماء لكنني لا أطالها اقتربت بترنح نحو نهاية لسان ذلك الفك ..
فإذا بي أقف عند حافة جرف بل قمة جبل لكنها لا تشبهه !!
وأنى لي أن أعرف ولم أر جبالا قط!!
كل شيء صار نقاطا بين ناظري حتى تلك الشاحنة التي تنفث لأنوفنا
الدبقة سحرا تبدو كلعبة صغيرة ،
بل كحشرة أكاد أسحقها بخطوة !!
ولأني لا أعرف حقا إن كنت أبصرها أم أقف في صندوق سحر!
قررت أن أجرب سحقها بقدمي
لكنني أبدا ما وطئتها !!
بل طرت من فوقها ، وكنت سعيدة حقا والريح تمشط وبري المتسخ
حتى لامست اضلعي الرصيف و غفوت أبدا!!
انتهت ...
بقلم : وسط الريح _ إيمان علي
كتبت كما هي في هذه اللحظة